سورة الجن - تفسير تفسير القشيري

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (الجن)


        


قيل: إن الجنَّ كانوا يأتون السماءَ فيستمعون إلى قولِ الملائكة، فيحفظونه، ثم يلقونه إلى الكهنة، فيزيدون فيه وينقصون , وكذلك كانوا في الفترة التي بين نبيِّنا صلى الله عليه وسلم وبين عيسى عليه السلام. فلمَّا بُعِثَ نبيُّنا صلى الله عليه وسلم ورُجِمُوا بالشُّهُبِ عَلِمَ إبليس أنه وقع شيءٌ ففرَّ جنوده، فأتى تسعةٌ منهم إلى بطن نخلة واستمعوا قراءته صلى الله عليه وسلم فآمنوا، ثم آتوا قومهم وقالوا: {إنَّا سمعنا قرآنا عجباً يهدي إلى الرشد فآمنا به}...... إلى آخر الآيات.
وجاءه سبعون منهم وأسلموا وذلك قوله تعالى: {وَإِذْ صَرَفْنَآ إِلَيْكَ نَفَراً مِّنَ الْجِنِّ..} [الأحقاف: 29].


{قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً (2)}
قوله تعالى: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} [1] قال: كان تسعة نفر من نصيبين اليمن، والنفر اسم يقع على الثلاثة إلى العشرة، جاؤوا النبي صلّى اللّه عليه وسلّم وهو يقرأ القرآن في الصلاة، وكانوا من أمثل قومهم في دينهم، فلما سمعوه رقوا له فآمنوا به، ورجعوا إلى قومهم منذرين. {فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} [1- 2] يعني يدل على اتباع سنن المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم. وقال سهل: رأيت في دار عاد الأولى مدينة مبنية من حجر، فيها قصر عظيم منقور من حجر يأويه الجن، فدخلت القصر معتبرا، فرأيت شخصا عظيما قائما يصلي نحو الكعبة، عليه جبة صوف بيضاء بها طراوة، فعجبت لطراوة جبته، وانتظرت حتى فرغ من صلاته، فقلت: السلام عليك. فقال: وعليك السلام يا أبا محمد، عجبت لطراوة جبتي وهي علي منذ تسعمائة سنة؟ فيها لقيت عيسى ابن مريم ومحمدا صلّى اللّه عليه وسلّم فآمنت بهما، واعلم يا أبا محمد أن الأبدان لا تخلق الثياب، وإنما يخلقهما مطاعم السحت والإصرار على الذنوب.
فقلت: ومن أنت؟ فقال: أنا من الذين قال اللّه تعالى في حقهم: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ} [1].
وسئل سهل: هل يدخل الجن الجنة؟ فقال: بلغني أن في الجنة براري يسكنها الجن، ويأكلون فيها ويشربون، وفي القرآن دليل عليه، قال تعالى: {لَمْ يَطْمِثْهُنَّ إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلا جَانٌّ} [الرحمن: 74].


قوله جلّ ذكره: {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلاَ وَلَداً} الجَدَّ العظمة، والعظمةُ استحقاقُ نعوتِ الجلال..
{وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً}.
أراد بالسفيه الجاهل بالله يعني إبليس. والشطط السَّرَف.
{وَأَنَّا ظَنَنَّآ أَن لَّن تَقُولَ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً}.
في كفرهم وكلمتهم بالشِّرك.
{وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِّنَ الإِنسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِّنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقاً}.
أَي ذِلة وصغاراً؛ فالجنُّ زادوا للإنس ذِلَّةً ورهقاً فكانوا إذا نزلوا يقولون: نعوذ بربِّ هذا الوادي فيتوهم الجنُّ انهم على شيء {فَزَادُوهُمْ رَهَقاً} حيث استعاذوا بهم.

1 | 2 | 3 | 4